في عالم التنس، تُقاس النقاط بالكيلوغرامات من العرق، وبضربات تُسجَّل في كتب التاريخ. لكن ما لا يُرى هو ذلك الصمت الذي يسبق الضربة… واللعبة التي لا تُلعب بالمضرب بل بالعقل.
نوفاك دجوكوفيتش ليس مجرد لاعب متكامل تقنيًا. هو لاعب يُجيد “فن التفكيك”.
ما معنى “تفكيك الخصم”؟
ليس المقصود هنا إرباكه بضربة ساحقة، بل تفكيك سيطرته الداخلية.
أن تُربكه لا خارجًا، بل من الداخل. أن تجعله يشك في قراراته، في قوته، في نمطه.
نوفاك يتقن هذا الفن عبر أدوات غير مرئية: التكرار، التأخير، التظاهر بالهدوء، استنزاف الوقت، الابتسامة الساخرة أحيانًا… والأهم: قراءة الخصم.
مثال حي: نهائي ويمبلدون 2019 ضد فيدرير

في مباراة ماراثونية استمرت 4 ساعات و57 دقيقة، بدا أن فيدرير يملك كل شيء: الخبرة، الجمهور، الضربات الساحقة، ونقطتي مباراة.
لكن نوفاك فعل شيئًا مذهلًا: لم يُظهر أي انفعال. في كل نقطة حاسمة، كان يعود إلى طقوسه:
- مسح الجبين
- سحب النفس
- ضرب الكرة بالأرض أكثر من 10 مرات أحيانًا
- نظرة مركزة في وجه الخصم، وكأنه يقول: “أنا باقٍ هنا حتى تنكسر أنت”
وفعلًا، انهار فيدرير ذهنيًا، رغم أنه كان متفوقًا.
أدوات نوفاك الخفية:
- التكرار المتعمد: يفرض على الخصم تبادلًا طويلًا يعرف أنه سيتفوق فيه مع الوقت
- الهدوء المزيف: يبدو هادئًا حتى حين يكون مضغوطًا، ما يزعزع ثقة الخصم
- قراءة النبض: يختبر أين يتردد خصمه ويُعيد الكرّة هناك حتى ينهار
- اللعب بنمط غير متوقّع: يتعمد كسر الإيقاع — dropshot، ثم lob، ثم drive flat مفاجئ
لماذا هذا مهم؟
لأن نوفاك يُذكّرنا أن المباراة لا تُربح فقط بالضربات… بل أيضًا بالاستمرارية الذهنية.
في عالم فيه آلاف اللاعبين بمهارات متقاربة، يبرز أولئك الذين يُجيدون انتظار اللحظة المناسبة للضرب…
… وأحيانًا، تفكيك الخصم قبل أن يُمسك المضرب حتى.
خاتمة تحفيزية:
عندما تُشاهد نوفاك لاحقًا، لا تنظر فقط إلى الكرة… بل انظر إلى نظراته، إيقاع تنفسه، وكم يبدو مرتاحًا بينما الخصم يغلي داخليًا.
مرحبًا بك في الساحة الداخلية من اللعبة. مرحبًا بك في The Inner Court.